الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة حاميها حراميها !

نشر في  13 نوفمبر 2014  (13:36)

رغم الحملات التوعوية والاجتماعات الماراطونية والندوات الجهوية والوطنية حول التصدي للعنف ومقاومته، ظل الوضع على ما هو عليه، بل تضاعفت أحداث الشّغب وتعددت أشكالها وأنواعها إلى أن أصبحت خطرا حقيقيا بهدد البلاد والعباد والاستقرار والأمن العام.. فقد تجاوز العنف كل الحدود وتفاقمت معه نعرة الجهويات والعروشية وعجز القائمون على تسيير كرتنا عن إيقاف هذا النزيف والضرب على أيدي العابثين والمتجاوزين سواء كانوا مسيرين أو لاعبين أو جماهير، وهنا أريد أن أستشهد بما يحدث خارج الحدود لنُبرز قوّة الاتحادات الكروية الأجنبية وقدرتها على الضرب بقوة وبسط هيمنة القانون حتّى لو ارتكبت المخالفات والتجاوزات خارج المستطيل الأخضر..
فقد أثارت العقوبة التي أقرّها الاتحاد الإنقليزي لكرة القدم، والمتمثلة في إيقاف اللاعب «ريو فرديناند» مدافع «كوينز بارك رينجرز» لمدة 3 مباريات وتسليط غرامة مالية عليه في حدود 25 ألف جنيه إسترليني، ردود أفعال عديدة ومختلفة خصوصا وأنها ( أي العقوبة ) لم تقتصر على الجانب الاداري والمالي فحسب، بل ألزم الاتحاد الأنقليزي اللاعب المذكور بحضور برنامج تعليمي خاص لمدة 4 أشهر للحيلولة دون تكرار ما بدر عنه من تصرّف.
والغريب في الأمر أن أسباب العقوبة تعود إلى انتقاد أحد أحباء فريق «كوينز بارك» للاعب «فرديناند» عبر تغريدة على تويتر الشيء الذي دفع بالمدافع السابق لفريق «مانشستر يونايتد» إلى الرد على المحب بتغريدة مماثلة كان فيها الكثير من التشنج والتجريح، ناهيك وقد وصل به الأمر إلى حد وصف والدة المحب ب» العاهرة» والمرأة المستهترة والمنحلة، وهو ما دفع بالاتحاد الأنقليزي للتدخل وإدانته بسوء السلوك..
قد يتساءل أحدكم، ما دخل الاتحاد الأنقليزي لكرة القدم في تغريدة لاعب على موقعه الخاص على تويتر؟ وكيف تُسلَّط عليه عقوبة أدبية ومالية والحال أنه لم يرتكب تجاوزا على الميدان يستوجب عقابه؟ للإجابة عن هذا السؤال نشير إلى أن الهيكل المشرف على تسيير كرة القدم الأنقليزية اعتمد على المادة E3 عند إقرار هذه العقوبة، وبالتالي كانت العقوبة رادعة وقوية لتتجلّى بذلك الصرامة الكبيرة التي يتعامل بها الاتحاد الأنقليزي مع كل خروج عن النص وحرصه اللامحدود على فرض الإنضباط على المسيرين واللاعبين داخل الميادين وخارجها وهو دليل على أن الاحتراف هناك هو عبارة عن منظومة كاملة متكاملة تهتم بتصرفات وسلوكيات اللاعبين خارج الملعب بشكل لا يقل قيمة عن تصرفاتهم داخله..
هذا القرار يُحيلنا إلى ما يحدث في كرتنا من تجاوزات وعنف لفظي ومادي وتصرّفات وحركات يُندى لها الجبين لم تجد الرّدع المطلوب من الجامعة التي وجدت نفسها أكثر من مرّة عاجزة عن فرض الانضباط وتسليط العقوبات في ظل غياب الجرأة والشجاعة أحيانا وغياب القوانين التي يمكن الاعتماد عليها لتسليط مثل هكذا عقوبات في أحيان كثيرة، ولا شك في أن النوادي التي يجتمع ممثلوها في المجالس الفيدرالية لتنقيح القوانين ومناقشتها هي من تختار القوانين وهي من تصادق عليها وترفضها، و بالتالي هي التي كانت وراء تعطيل قوانين زجرية لأنها تتضارب مع مصالحها سواء تعلّق الأمر بالعنف والانفلاتات في الملاعب أو غيرها من الخروقات والتجاوزات التي تتطلب عقوبات رادعة على كل المخالفين والمتجاوزين. يصحّ إذا فيهم القول « حاميها حراميها» بمعنى أن النوادي التي تكون عادة طرفا في المشاكل التي تحدث بين الفينة والأخرى في الملاعب هي من تصادق على القوانين التي ستُطبّق عليها، وهو أمر لا يقبله العقل خصوصا وقد تعوّدنا على سلوكيات يأتيها بعض ممثلي الجمعيات في مثل هذه المجالس الفيدرالية تنمّ عن أنانية مقيتة وتعسفّ على الميثاق الرياضي ولهث وراء مصالح أو منافع مالية أو ما شابه ذلك، الأمر الذي أوصلنا إلى هذه الحالة المزرية وإلى هذا الاحتقان و الانفلات الأخلاقي والعنف بشتى أنواعه..
لقد ثبت اليوم أن الومضات الدعائية والحملات والشعارات لم تَعُد تُجدي نفعا للتصدي لغول العنف الذي انتشر في الملاعب والقاعات مثلما ينتشر ذلك المرض الخبيث في جسم الانسان، وبالتالي لابد من التحرّك بالسرعة المطلوبة لإيجاد حلول عملية وجذرية لتجنب كارثة إنسانية.

بقلم: عادل بوهلال